الجمعة، أبريل 17، 2009

لابدَّ من كلمةِ وفاء!

تتزاحمُ الكلماتُ عاجزةً عن وصفِ هذا الرجلِ العظيم،الذي أحيا أمةً بكلماتهِ التي كانت منارةً تنيرُ الدجى حين فُهِمَت معانيها وجُسِّدَت على أرضِ الواقعِ،إنها العقيدةُ القويةُ التي كانت تنبعُ من قلبِهِ المتعلقِ باللهِ،والتي من شدَّتِها فجَّرت ينابيعاً لا حودَ لها في كلِّ المجالات،في الحياةِ الأُسريّةِ والاجتماعيةِ وفي الحياةِ الجهاديةِ التي كانت تناديهِ في كلِّ ميدانٍ من ميادينِ الجهاد على أرضِ الرباطِ،وفي الحياةِ السياسيةِ التي توَّجت حركتَهُ المجاهدةَ (حركة حماس)بآرائِهِ وأفكارِهِ التي حطمت أفكارَ اليهودِ وشتَّت آراءهم وما أجمعوا عليه،وهدمت مخططاتِهم ..فما لبثوا يمكرون لاغتيالِهِ والتخلصِ منه،وكثيراً ماباءت بالفشلِ إلى أن أرادَ اللهُ بأن يلتقي الحبيبان في جنة الخلدِ تحتَ عرشِ الرحمن فهنيئاً لشيخِ فلسطين ولأسدها،على الرغم من مرارةِ وقعِ الخبر الذي حمله السابعَ عشرَ من أبريل عام ألفين وأربعة،كان الخبرُ الصاعقُ الصدمةُ الصعبةُ.....لقد رحلَ القائدان.
ولكن،القائدُ يخلفُهُ ألفُ قائد ..... أليس كذلك ؟!
ولكن تبقى أفعالُ وأقوالُ من رحلوا خالدةً في قلوبِنا وعقولِنا...
الأستاذ أحمد ابن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي حدثني عن بعض المواقف التي لا ينساها حدثت معَ والدِه في عدة مناحٍ..
في البيت...كان الأبَ الحاني والخيِّرَ لأهلِه فقد وافقَ فعلُهُ قولَ رسولِ الله (خيرُكم خيركم لأهلِه،وأنا خيرُكم لأهلِه)فكان نعم الأبُ والزوجُ والمربي ،
يقولُ أحمد (في يومٍ من الأيامِ أقبلت أمي على إحدى أخواتي بالشوبك (شوبك العجين)بعد خلاف بسيط بينهما فتضايقت أختي لذلك ولم تقبلْ بمصالحةِ أمي لها حتى جاء أبي وعرفَ القصةَ فإذا به وقد كان شاعراً يقولُ فيها:
لا تعجبوا يا إخوتي من قصتي فأنا التي ******وأناالتي بالشوبك الملفوفِ كانت علقتي
وعندما سألتُهُ عن الجانبِ الدعوي فلم يترددْ بذكرِ الموقفِ الجميلِ الذي حدثَ معَ الدكتور في سجنِه بينما كان معتقلاً في سجونِ السلطةِ..
(كان والدي الشيخ سجيناً في معتقلِ الجوازات التابعِ للسلطةِ الوطنيةِ الفلسطينيةِ،وقد كان يعاملُ السجانين بأخلاقه الكريمة ومن بينهم أخٌ من عائلةِ البطنيجي والذي كثيراً ما كان يتمردُ على والدي وكان كلما تمردَ السجانُ عليه بالتعذيبِ أظهرَ له خُلُقاً إسلامياً جديداً وتعاملاً راقياً وغير متوقع!!حتى سألَه الشيخُ ذات مرة لم لا تصلي؟ ردَّ عليه : إنهم يمنعوننا ،لم يتوقفْ الدكتور هنا بل أخذَ يعلمُهُ الوضوءَ ويصليانِ ليلاً ويلقي على مسامِعِهِ دروسَ الدينِ دون أن يراه أحدُ المسؤلين ....حتى أخذ الله بيدِ هذا الرجلِ وأصبحَ من الدعاةِ الذين تهتدي الناسُ على أيديهِم)!!
(أما عن الناحية السياسية فكم كان أبتِ كتوم) هكذا أخبرني نجلُ الشهيدِ كان والدُه لايحدثهم بأمور الحركةِ وأسرارِها وأعمال كتائبِ عزِّ الدين القسام فليس البيُ محلها وهي أمانة عليه الحفاظُ عليها..وأيُّنا أشدُّ حرصاً من أسدِ فلسطينَ على ذلك؟؟
كلمات لا تنساها يا أخي خصَّها أبوك بك؟؟
أجابني مسرعاً (أُحيمد)؟؟!!
(نعم هي قصيدةٌ نظمها الشاعرُ في ابنهِ الأصغر والصغيرُ وقتها قالها فيَّ (أحمد)وقد كان عمري الرابعة في ذلك الوقت كنا ننتظر أبي وهو عائدٌ من معتقل الصهاينة أنا وأمي وإخوتي ،وصل المعتقلون والتق الأهلُ بأبنائهم المفرجِ عنهم لكن البسمةَ لم تُرسمْ على شفاهِنا كباقي الحشود؟؟
انتظرنا كثيراً لكن دون جدوى حتى قطعنا الامل وعدنا والحسرةث في قلوبنا والدمعةُ لم تفارقء عيونِنا ..لا نرجعْ بالغالي..
بعد أيام عرفنا انَّ بينما والدي في باصِ العودة للقائنا فإذا برابين اللعين يبعثُ له بهديةِ الإفراج..! أيُّ هديةٍ تلك يا عدوَّ الله؟
إنها ستةُ أشهرٍ إداريةٍ جديدة حُكِمَ على أبي بقضائِها في السجنِ يالها من كارثة ...هنا كتب أبي الحنون قصيدةً لابنِه الأصغر الذي حرقَ قلبه ذاك اللعين...)

لِمَ يا بُنَيَّ أراك تبحثُ فـي الزحـام****** لِمَ يا بُنَيَّ أراك تأرق فـي المنـام
نَمْ يا أُحيمِـدُ لا تمـزقْ مهجتـي****** نَمْ يا أحيمدُ حيثُ قد نـام الحمـام
أنا يا أحيمـد لا يفارقنـي الأسـى****** أنا يا أحيمد قد هجـرتُ الإبتسـام
هذي السلاسلُ يـا صغيـري فتنـةٌ****** اللـــــهُ قـدرهـا ليختـبـرَ الأنــام
لا تبكِ يـا ولـدي كفـاك فإننـي****** رغم القيود سأمتطي متـنَ الغمـام
إن فرَّقـوا بينـي وبيـن أحبتـي****** أو مزقوا قلبـي بأنصـال السهـام
أو أرقوا نومـي ونـوم أحيمـدي****** أنا لن أطأطئ لا ولن ألقي الحسـام
هذا السبيل سبيل من طلـب العـلا****** هذا السبيل سبيل مرشدنـا الإمـام
هـذا سبيـل العارفيـن بربـهـم****** هذا سبيل الخالديـن مـن العظـام
فإذا عرفـت اليـوم سنـة أحمـد****** وزهدت في دنيا الثعالـب واللئـام
وعلمـت أن الصابريـن مقامهـم ******يوم الحساب يضاهئ الصحب الكرام
فأرسم على الثغر ابتسامـة شاكـر****** واصبر بني غدا سينقشـع الظـلام
ومهما ذكرنا من مواقفَ أو كلماتٍ فإننا لا نوفي شيخنا الدكتور الشاعر أسد فلسطين (عبد العزيز الرنتيسي)حقه ،
فلله درُّك وانعمْ ما قدَّر لك الرحمن ،فأنت لست خسارةً في ربِّكَ الكريم ونعيمُ ربِّكَ ليس خسارةً فيك !!!

هناك 11 تعليقًا:

عربي نيوز يقول...

السلام عليكم

وأي الكلمات ستفيك حقك يا أسد فلسطين
كم بكينا الدموع حين فراقك ، فلست كأي الرجال
كلماته كانت زخات رصاص تنطلق بقوة لتصدح بالحق ، وتكون طعنات قاتلة لليهود وأعوانهم
رافق الياسين في حياته ، ولم يستطع فراقه عن الشهادة فلحق به
لله درهم رجال صدقوا الله فصدقهم
اسأل الله أن يتغمده برحمته ويسكنه فسيح جنانه
بارك الله فيك اخت هديل ، وألحقنا الله بهم شهداء على الطريق

لا تنسوا اخوانكم في غـزة من دعائكم

||..بحــر الدموع..||

حياتى نغم يقول...

السلام عليكم / رحم الله أسد فلسطين وكل شهداء المسلمين وأنعم عليهم بنعمه ورضاه آمين . بوركتِ أختى هديل ووفقتِ فى كل شئونك .

جذور الأمل يقول...

بحر الدموع
نعم نحن نبكي للفراق لكن القلوب فرحة بما رزق الله أحباءنا من نعيم لا حدود لوصفه..
نرجو من الله أن يجمعنا بالنبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
اللهم آمين.

جذور الأمل يقول...

حياتي نغم
بوركت أختي وبوركت زيارتك التي تسعدني دائماً.
نرجو من الله أن يرزقنا الشهادة الشهادة في سبيله ويلحقنا بالصالحين.

محمد يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أختي العزيزة

ان احدهم قد قال

إن كلماتنا تبقي أعراسا من الشموع لا حراك فيها جامدة حتي نموت من أجلها فتنتفض حية من بين الأموات


إن الشهداء لهم مكان عند الله عظيم
وأولئك نحسبهم كذلك ولا نزكي علي الله أحدا

خالص مودتي وصادق دعائي

جذور الأمل يقول...

هذه حياتي
نعم هذا الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي رحمة الله عليه وعلى جميع شهداء المسلمين وجمعنا الله بهم وبنبينا الكريم..اللهم آمين.

نور الاسلام يقول...

السلام عليكم

اولا تدوينه رائعه جعلها الله فى ميزان حسناتك اختى هديل ...

رحم الله اسد فلسطين الشيخ المجاهد الربانى عبد العزيز الرنتيسى ورزقنا الشهادة فى سبيله مقبلين غير مدبرين..

والله نحن نغبطكم با أهلنا فى غزه..فأنتم من عاصرتم هؤلاء العظماء ..وانتم من تعيشون معهم ...



بارك الله فيك اختى هديل ...وجزاكِ ربى خير الجزاء..

انى احبك فى الله ..

دمتم بعز وصمود يا أهل غزه...

جذور الأمل يقول...

نور الإسلام
أهلا بك عزيزتي حللتِ أهلاً ووطأتِ سهلاً
وبوركت يمينك التي كتبت هذه الكلمات الرائعة والتي تحمل صدق مشاعرك ونبلها ونرجو من الله أن يجمعنا وإياكم مع كل الشهداء والصديقين والشهداء في جنان الخلد.اللهم آمين.
وأقول أحبكِ الله الذي أحببتني فيه
وأنا كذلك أبادلك الإحساس والشعور ،نرجو من الله أن يأجرنا عليه.

هدى التوابتي يقول...

وعلمـت أن الصابريـن مقامهـم ******يوم الحساب يضاهئ الصحب الكرام
فأرسم على الثغر ابتسامـة شاكـر****** واصبر بني غدا سينقشـع الظـلام
أكثر بيتين شعرت أن الكلام فيهما عن نفسه اللهم أرحمه وتقبل منه أعماله الصالحة وجهاده......

هدى التوابتي يقول...

والله الذي لا إله إلا هو أننا في أشد الحزن لأننا لسنا معكم ياأهل غزة ونتمنى من الله أن يفك كربكم وأعذرونا وسامحوا تقصيرنا معكم...أختك في الله ..

جذور الأمل يقول...

دودي
أشعر بك أختي وبمشاعرك الصادقة أرجو من الله أن يجمعنا بهم وبكم في جنان الخلد.