يعاني الطالبُ الفلسطينيُّ بشكلٍ عامٍ والغزاويُّ بشكلٍ خاصٍ من صعوباتٍ كثيرةٍ ولا محدوة،علاوة عما تعانيه طبقاتُ الشعبِ عامةً،وبصفتي طالبة جامعية سأقوم بسردِ بعضِ هذه المعاناة.
أولاً عندما يُفتحُ بابُ التسجيلِ لعامٍ دراسيٍّ جديدٍ فإنَّ الطلبةَ يُقبِلون على هذا التسجيلِ قبل أن تُغلقَ شعبُ بعضِ المساقاتِ ويضحى الطالبُ لا مكان له فيها،ولكنَّ التسجيلَ يعني الكثيرَ من الإرهاقِ للطالبِ ولأهلهِ فهو يعني أن يدفعَ الطالبُ الحدَّ الأدنى الذي يعادلُ اثنتي عشر ساعةً وسعرُ الساعةِ في أزهدِ الكلياتِ ثمناً يعادلُ أربعة عشر ديناراً،وهذا ما يرهقُ كاهلَ الأسرةِ الفلسطينيةِ وخاصةً إذا كان فيها أكثرُ من طالبٍ جامعي ،وينتظر الطالبُ وينتظر حتى يتمَّ تخفيضُ عددِ ساعاتِ التسجيلِ أوحتى يحصلَ على منحةٍ أو قرض ومن ثَمَّ يُسجِّلُ لعامه الدراسي،ويبداُ الدوامَ الجامعي الطالبُ بحاجةٍ إلى كتب ،فلا يتركُ طالباً يعرفه أو لا يعرفه إلَّا ويسأله عن الكتبِ التي يريد،فإن وجدها كان بها وإلا اضطُرَّ لشرائها رُغماً عنه!
يجهزُ الطالبُ نفسه للذهاب إلى جامعته يريدُ مصروفاً كي يركبَ سيارةً على الأقلِّ أو يأكلَ لقمةً عندما يقرصه الجوع ...!الآن خرجَ الطالبُ من بته متوجهاً نحو جامعته يقفُ في الشارعِ كي يوقفَ سيارةً تنقلُه إلى حيثُ يريد،ينتظرُ وينتظر حتى تتلوحَ رقبته وهو ينظرُ يمنةً ويسرى حتى يشعرَ أن الوقتَ قد أدركهُ ويجبُ عليه أن يمتطي رجليه حتى لا تضيعَ محاضراته ،إلّا في حال وجدَ سيارةً تقله يستقبلُها بكلِّ فرح و يدفعُ لها الأجرة،فيتمرد عليه السائق ويطلب المزيد ويطولُ الجدالُ بينهما أيهما أحق بالنصف شيكل حتى يصلَ جامعته.
الآن دخل الجامعةَ والتقى بزملائه وحضر محاضرته المكتظة بالطلابِ،يريدُ أن ينتقلَ إلى المحاضرةِ الثانيةِ ولكن عليه أن يتنقَلَ بين مباني الجامعةِ وعلى طوابقها العالية مما يسببُ له الإرهاقَ والتزمتَ،فهو اضطُرَّ إلى التنقل على قدميه لأن المصعد مشغول بحملِ الأساتذة وأصحابِ الأعذارِ الخاصةِ وغيره من الطلاب،ويظلُّ الطالبُ على هذا الحال حتى ينتهي دوامه!!!!!!
وبعد يومٍ طويلٍ من التعبِ والإرهاقِ يتوجَّهُ الطالبُ المسكينُ نحو البيت كي يرتاحَ بعد طولِ عناءٍ وجوعٍ قارسٍ،فيقفُ على شارعِ الجامعةِ ينتظرُ سيارةً تحقق حلمه آن ذاك فهو يحلمُ بالتمددِ على سريرِه والنوم ،ولكن سرعان ما يتحطمُ هذا الحلم لأن فيلمَ الصباحِ سيتكررُ الآن نعم سيظلُ واقفاً أكثرَم ن نصفِ ساعةٍ في معظم الأحيان حتى يجددَ السيارة،أو أن السائقَ لاتعجبهُ تلك المنطقة ولا يريدُ أن يذهبَ إليها حتى يحنَّ اللهُ على الطلابِ ويرزقهَم بسائق يبُلَّ ريقم بعد ظمأٍ طويل...
فما بالك بالطلاب المرضى وهم في هذا الموضع؟؟؟؟؟؟؟؟
ويصلُ الطالبُ منزلَه المتواضعَ بعد عنائه اللا محدود وأول مايطلبُه هو النومُ والراحة ،فإذا خلدَ إلى فراشه رأى كلَّ ما عاناه في كوابيس متواصلة حتى إنه لا يجد مهرباً منها في يقظةٍ أو نوم!!! وعندما يستيقظُ من كوابيسِهِ يتوجَّهُ نحو حقبتِهِ وكتبِهِ ليراجعَ محاضراتِه ويحضِّرَ دروسه ولكن سرعان ما تفاجئه الكهرباء بانقطاعها حتى يشعر أن السوادَ الذي حوله لا حدود له وأنَّ من المستحيلِ أن تكونَ هناكَ دنيا أسود من دنياه......
وهنا يحاولُ الطالبَ أنْ يُجهِدَ نفسه ويدرسَ على الشمعة ولكن عينيه تلومانه قائلةً له أنا أغلى من أيِّ شيءٍ آخر،فلا يكون منه إلَّا أنْ ينفخَ عليها بنَفَسِه المغلولِ ويطفأَها والغيظُ يكادُ يفجِّرُ قلبه ويفضلُ النوم وعيناهُ تذرفُ الدموعَ حتى يستيقظَ في اليومِ التالي.... وتتكررُ المأساةُ نفسُها....
واللهِ ما هذا إلَّا غيضٌ من فيض ومن يعيشُ الموقفَ ليس كمن يقرأه أو يسمعه أو حتى يراه.
عودة قريبة...
-
عامان توقف فيهم كل شيء لأسباب كثيرة، أكذب إن قلت أنها أسباب حزينة بل جلها
سعيدة. صدقا لم أكن أعرف أن الدنيا بما فيها من مسرات رزقنا الله أياها قد
تقطعنا عن...
قبل 10 أعوام